جملة النهايه لبرنامج (كل رجال الرئيس) لعادل حمودة نقلا عن موقع جريدة الفجر (رئيس تحرير الجريدة - عادل حمودة) مقدم برنامج كل رجال الرئيس
هل يستحق «عادل حمودة» كل حملات التشويه التى يصر أصحابها أن يحاصروه بها؟
سؤال طاردنى وأنا أتصفح آلاف الصفحات التى أنتجها خلال ما يقارب أربعين عاما، هى السنوات التى قضاها خادما أمينا فى بلاط صاحبة الجلالة، المهنة التى أدخلته الأقدار إلى حماها، فإذا به يطوع هذه الأقدار ويوجهها حيث يشاء.
لقد أخلص «عادل حمودة» لمهنته التى اختارته دون أن يختارها، منحها كل حياته، أخذ منها الكثير، لكنه منحها الأكثر، سبق الآخرين بآلاف الأخبار، فجر مئات القضايا الشائكة، تصدى لجماعات الإرهاب التى قررت فى غفلة من الزمن أو بتواطؤ منه على أن تحول الدنيا إلى ظلام، تصدى للفساد الذى ارتدى - خلال رحلته الصحفية - أكثر من شكل وأكثر من لون وأكثر من رداء، نفخ الروح فى العديد من الصحفيين الذى قادوا الصحافة المصرية مع مطلع الألفية الثالثة، منح الكتابة الصحفية مذاقا خاصا، وانفرد وحده بقدرات المسيح على إحياء الموتي، فأحيا صحفا من مماتها ووهبها الحياة من جديد.لكنه بقدر ما أعطى بقدر ما حورب.. وبقدر ما كتب بقدر ما طعن.. وبقدر ما أبدع بقدر ما حوصر. . وبقدر ما أنتج بقدر ما عوقب.
إن الموهبة فى مصر مثل الجريمة، لابد أن يعاقب من يحملها بمجرد أن يتم ضبطه متلبسًا بها، ولأن موهبته كانت طاغية ومتفجرة، بقدر ما كان عقابه شديدًا ومؤلمًا.
طالت الاتهامات «عادل حمودة»، لم يترك خصومه شبرًا فى حياته إلا وزرعوا فيه لغما، أقلق مضاجع الكبار فقرروا أن ينغصوا عليه حياته، وضعهم عرايا أمام أنفسهم فى المرآة، فاجتهدوا محاولين أن يشوهوا تاريخه، ويمسحوا حاضره ويجهضوا مستقبله، صرخ فى وجوههم فوضعوا كل مدافعهم فوق رأسه، ضغطوا على الزناد أكثر من مرة، لكنه أبى إلا أن يبقى.
كنت جالسًا بمكتبه بجريدة «صوت الأمة» فى الشهور الأولى لعام 2000، كان يجلس معنا آخرون، رأيته مهموما ومستاء، أمسك بيده مظروفا به رسالة وصلت إلى عدد كبير من الصحفيين، فيها اتهامات له وتشكيك فى ذمته المالية والشخصية، وبدا أن وراء هذه المنشورات رجل أعمال - بعينه - تصدى له عادل بحملة صحفية ساخنة، كشف خلالها وسائله غير المشروعة فى زيادة رأسمال شركاته.
حاول من معه أن يخففوا وقع ما جرى عليه، رفضوا ما يفعله رجل الأعمال، وصفوه بأنه انحطاط أخلاقي، لكنى رأيت الأمر عاديًا جدًا.
قلت له: طبيعى جدا أن يفعل رجل الأعمال بك ومعك ما هو أكثر، إنك تهدد كل ما وصل إليه، فلا تتخيل أنه سيتركك، إنه سيواصل الهجوم عليك، ولن يصمت.
كان ما قلته نشازًا.. فصمت.
لكننى كنت ولا أزال مقتنعا، أن كل حملات التشويه التى أحاطت بـ«عادل حمودة» طبيعية جدا، بل إنها دليل على أنه يسير فى الطريق الصحيح، فلو كان ما يقوله فارغا أو بلا قيمة، ما أفزع الكبار، ولو كان ما يقوله كذبا، ما تحملوا عناء الرد عليه، لكنهم يعرفون أنه على حق، وأن ما يقوله يمكن أن ينسفهم، ولذلك فقد بادروا إلى نسفه وتفخيخه، أوعلى الأقل تهديده حتى يصمت.
لكنه لم يصمت، وفى كل مرة كان يزيد التهديد والتشويه، كان يزيد إصراره على أن يواصل ما بدأه.. بحثت طويلاً عن سر إصراره على ألا يتراجع أبداً، وجدته يقدم لى الإجابة دون أن أساله عنها.
كان قد بدأ حملة على أحد رجال البنوك، وفى اجتماع التحرير بجريدة صوت الأمة، قال إنه سمع أن المسئول البنكى الكبير قال لأصدقائه إنه استطاع شراء «عادل حمودة»، وأنه دفع له مائة ألف جنيه حتى يصمت تماما، كان المسئول البنكى مطمئنا لما يقوله، لأن عادل نشر مقالا عن تجاوزاته فى البنك الذى يرأسه، وفى العدد التالى من الجريدة لم ينشر شيئا، فبدا كلام المسئول البنكى عنه حقيقيا، فها هو لم ينشر، بما يعنى أن الحملة توقفت.
لكن «عادل حمودة» نفى أن يكون شىء من هذا حدث، فهو لم ينشر شيئا، لأنه كان قد نشر كل شىء حصل عليه، ولم يكن لديه جديد فى الأسبوع التالى.
ثم كانت الكلمة الفصل.
قال عادل حمودة: عندما سمعت هذا الكلام الذى قاله المسئول البنكي، صممت أن أكمل الحملة، وألا أنتظر المستندات التى تدينه، بل قررت أن أبحث عنها، قررت ألا أتركه إلا فى السجن - وهو ما جرى بالفعل - بدأت أذاكر مثل التلميذ الصغير، وجمعت كل شيء عنه، فأنا عنيد، جذورى صعيدية - تمتد جذور والده إلى منطقة البدارى بأسيوط - وقد يكون العند هو الشيء الوحيد الذى تبقى فى شخصيتى.
إن الصحافة عند «عادل حمودة» ليست مهنة، ولكنها امرأة يذوب عشقا فى محرابها، امرأة يدخل إلى مخدعها كل يوم بروح العاشق.. وليس بروح الزوج.
وقد يكون هذا هو المفتاح الثالث لشخصية عادل المهنية، الصحافة عنده شهوة، شهوة متوحشة لا ترحمه، تضغط عليه، لا تريحه، تؤرقه، تجعله لا ينام مطلقًا، وبعد أن يفرغ منها، يجدها وقد اندفعت مرة أخرى فى شرايينه لتؤرقه من جديد.
بالعند.. والمغامرة.. والشهوة استطاع «عادل حمودة» أن يتغلب على كل حملات التشويه التى استهدفته، لم تعرقله، لم تجعله ييأس، لم تخطف منه حماسه، وتتعجب كيف لرجل تطارده كل هذه الشائعات والاتهامات يظل محتفظًا بقدرته على العمل والإبداع والإنتاج.
من مقدمة كتاب «صائد العقارب»
الذى يصدر قريبا لمحمد الباز
No Response to "المسيح لا يزال على الصليب"
Add Your Comment